عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-08-02, 03:36 AM   #1
شيخ الطيور
قلـــــم فضـــي
 
تاريخ التسجيل: 2009-07-20
المشاركات: 2,206
افتراضي نصائح للجنوبين من كاتب شمالي لا تفوتكم

لاهميه النصائح اتيناكم بالمقال رغم انه طال ولكن يا نصيب
أصنام الشمال و أموال الجنوب ؟! ( بقلم : اسكندر شاهر )


كتابات حرة واشنطن – لندن " عدن برس " خاص : 29 – 7 – 2010
لطالما أخطأتُ في كثير مما كتبت ، فإما أن أكون قد ذهبتُ إلى فكرة خاطئة كلياً أو اعتمدت مفردات أضاعت الفكرة الصحيحة في حينه ، وأحسب أن حركة المراجعة الذاتية دوماً مطلوبة ليس من قبيل جلد الذات بالمعنى السلبي الذي يتمخض مقولات مكررة وغير مفضية إلى نتيجة ، وإنما بغرض تقويض الخطأ والاستفادة منه وكما يقال الخطأ أول خطوة في طريق الصواب .

قادتني إلى هذا القول مراجعة سريعة لمقولات أفضتُ في استخدامها في وقت سابق وبخاصة لجهة توصيف حاكم صنعاء أو عصابته على اختلاف مشاربهم والذين تجمعهم دنيا واحدة فلا دين لهم على الإطلاق ، فكانت المقولات تتجه نحو عبادة أزلام الحاكم للحاكم بوصفه صنماً يُعبد ، والحال أن عبادتهم له تقرباً زلفى للمال .. فالمال هو معبودهم ومعشوقهم ومبتغاهم ، وهذا المال منذ احتلال الجنوب يحمل هوية جنوبية في معظمه شئنا أم أبينا ، وترد أنباء وتعليقات متظافرة من مجالس كثير من المتنفذين لاسيما أولئك الذين يشعرون بجدية وخطورة الموقف تبدو كما لو كانت تلويح للحاكم المتخبط بأنهم ربما يضطرون إلى أكله كذلك الصنم الذي كان مصنوعاً من التمر في الجاهلية وهم يمقتون فكرة يرددها الرئيس بأن السفينة ستغرق بالجميع لأنهم يعلمون من مصادرهم أنه سيكون في منأى عن الغرق ففي آخر المطاف (الحمار سيُجلد عبر الوطاف ) ولا شك تعرفون من هو الحمار ومن هم الوطاف !! ، وسنأتي على ذكر قصة جاهلية تعزز هذا القول بالإفادة من فكرة واستنتاجات كان قد وصل إليها المفكر العربي محمد عابد الجابري في كتابه "العقل السياسي العربي".
فهو يقول : أن الأصنام لم تكن بالنسبة لقريش ذلك "المقدس" الذي يتمسك به الناس ويموتون من أجله لأنه مقدس ... إن أصنام قريش وآلهتها كانت قبل كل شيء مصدراً للثروة وأساساً للاقتصاد ، وكانت مكة مركزاً تجارياً للعرب جميعاً ووفقاً لموقعها شكلت مركزاً للاستقطاب الديني والتجارة بين الشمال والجنوب والشرق والغرب ، وكان الهجوم على الأصنام يعني المس بصورة مباشرة بعائدات الحج إليها وما يقترن به من مكاسب التجارة العربية ، المحلية منها والدولية .
ويصل إلى نتيجة مؤداها : أن (الغنيمة) إذن ، أو بالأحرى الخوف من افتقادها هو الذي جعل الملأ من قريش يقاومون الدعوة المحمدية .
جانب آخر مهم سيكون له معنى محوري في استحضارنا للموضوع التاريخي آنف الذكر في مقام الحديث عن قضية شمال وجنوب اليمن في واقعها الراهن والذي يعود إلى احتلال الشمال للجنوب بقوة العسكر والقبائل والعمائم في 7/7/94م ، وهو أن الحصار الذي ضربه الملأ من قريش على الدعوة المحمدية في مكة بإحكامهم الطوق القبلي ضدها وممارستهم الضغط الاقتصادي على أتباعها الميسورين والتعذيب الجسماني على المستضعفين منهم ، قد جعل نجاح الدعوة مرهوناً بالقدرة على توجيه الضربات إلى ما كان يدافع عنه ذلك الملأ في حقيقة الأمر ، إلى (الغنيمة) ذاتها ، ومن هنا كانت هجرة النبي (ص) إلى المدينة لا خوفاً ولا هرباً ، بل كانت من أجل مواصلة الدعوة بوسائل أخرى : توجيه السرايا وقيادات الغزوات لاعتراض قوافل قريش التجارية ، الشيء الذي يعني ضرب الحصار الاقتصادي على مكة وصولاً إلى استسلامها السياسي ، وبالتالي الدخول في الإسلام . ولما كان ضرب (الغنيمة) يعقبه حتماً الاستيلاء عليها وتوظيفها مادياً ومعنوياً لإعداد ضربات أخرى فإنه لا مناص من أن يكون لها حضور ما في المرحلة الجديدة من الدعوة .

إن حاكم صنعاء الذي تتجه بعض الأقلام بطريقة ممنهجة إلى تعظيمه حد التقديس وحد الكفر بالله الواحد القهار ، إنما هي أقلام رخيصة وصفها الرئيس نفسه –ذات مرة- بأن أثمنها يشترى بعشرة آلاف دولار وهي معنية اليوم بإحداث تضليل مقصود بغية جعل الحمار حصاناً والفرس فارساً ، والراشي مدراً للنعم ، والحقيقة التي يريدون التشويش عليها تختزلها الفكرة التي وردت سابقاً والتي تثبت بما لايدع مجالاً للشك بأنهم عبيد على أتم الاستعداد لأن يمرقوا من ربقة سيدهم في لحظة حجب الغنيمة عنهم وصدهم عنها ، ولذلك فإن الضحك يكاد يتملكني لساعات عندما أسمع أخباراً تتضمن كلمات ممجوجة من قبيل مكافحة الفساد فما بالكم لو علمت أن صنعاء استضافت مؤخراً مؤتمراً دولياً لمكافحة الفساد وبات عبدة المال فيها مرشدين للعرب ولبعض الأجانب إلى طريق الهدى ونظافة اليد ، والحق أنه كان على رعاة الفساد في صنعاء أن يختاروا هذا الشعار لمؤتمرهم ( اتبع الغراب يدلك على الخراب) ولا بأس أن يكتبوا قبلها تحت رعاية فخامة الرئيس القائد المفدى المشير علي عبد الله صالح ، فالطيور على أشكالها تقع .


من هنا ، فإن العمل الذي ينبغي أن يتوخاه الجنوبيون في ظل تعقيدات الراهن وعدم الوصول إلى نتيجة قوية فيما يخص دعم القوى الخارجية والمجتمع الدولي للقضية الجنوبية حتى الآن لا بد أن يشبه العمل الذي تمارسه مأرب بين الحين والآخر لأنه يحاكي مصالح الإقليم والأمريكان والغرب عموماً ، فوق محاكاته للداخل لجهة قطع الإمدادات النفطية وتضرر مصالح السلطة ومتنفذيها ووقوعها في مأزق هي في غنى عنه وبخاصة في المرحلة الأخيرة والتي دفعت بالسلطة بقضها وقضيضها للتحرك وتحكيم القبيلة في مقتل جابر الشبواني . وحينها ربما نسمع عن مئات الملايين من الريالات والدولارات الجنوبية تعود من صنعاء لتنام في موطنها الأصلي تمهيداً لدعم الثورة الجنوبية مادياً ولوجستياً في مرحلة لاحقة.


إن شعور صنعاء بعدم القدرة على التحكم بسيرورة شفط المال الجنوبي بطريقة منتظمة والإفادة منه لتعبئة خزانة بيت مال الغنيمة سيضع الحاكم في مأزق خطير لا يحسد عليه ، وإذا ما تظافرت القوى الجنوبية للدفاع والاستماته دون مال الجنوب الذي يعبده حاكم الشمال وأزلامه وأخذت هذه الاستماتة منحى أكبر وتطورت الأساليب باتجاه ذلك فإنها ستكون الخطوة الكبرى في طريق فك الارتباط ابتداءا بين الحاكم وأزلامه في الشمال فكما ذهبنا سابقاً بأنهم لا يعبدون الحاكم وإنما يتقربون إليه زلفى لعبادة المال فالحاكم صنمهم والمال إلههم ، وتلي هذه الخطوة هجرة الجنوبيين من الشمال إلى الجنوب أو بالأحرى عودتهم إلى مرابعهم وموطن ثروتهم بحيث يصبحوا شركاء فيها لا باحثين عن فتاتها في مرابع الشمال وقصور البغاة ، ولا أحد يغفل ما يشكله حضور قيادات جنوبية في الشمال ولاسيما في التركيبة الحكومية من دور في إضفاء شرعية لأصنام صنعاء واستمرار تدفق المال الجنوبي وفق أجندة وعقود شمالية مع الشركات العابرة للقارات ذات المصالح المقدسة ، وهنا سنستفيد مجدداً من الربط التاريخي السابق .


فعندما هاجر المسلمون الأوائل إلى الحبشة توجست قريش وانزعجت كثيراً من اختيار الرسول (ص) الحبشة دار هجرة لأصحابه ، فقد أرسلت وفداً إلى النجاشي محملاً بالهدايا الثمينة لحمله على رفض إيواء المسلمين ، فهل كانت آلهة قريش ستتضرر من هجرة المسلمين إلى الحبشة ؟ بالتأكيد لا ولكن المال بوصفه إله آلهتهم هو الذي كان عرضة للخطر فضلاً عما تشكله الحبشة من ثقل سياسي على الصعيد الدولي في ذلك الزمن ، وقريش (المال) كانت تخشى أن يكون لمنافسيها التجاريين في شرق الجزيرة العربية يد في الدعوة المحمدية ، -وطبقاً الجابري- إنه لعل هذا ما حملهم على اتهام النبي بأنه إنما يعلمه رجل من اليمامة يسمى "الرحمان" وأشار القرآن إلى ذلك بقوله : (هم يكفرون بالرحمان ، قل هو ربي) . ما يهم قريش كان محدداً جداً (عائدات الحج والنفوذ التجاري والاقتصادي) ، ومع تسلط هذه الفكرة لا يمكن إقناعها بسخافة عبادة الأصنام ، فما كان يهمها ليس الأصنام ذاتها بل (الغنيمة) التي من ورائها ، وقد تم افتقاد هذه الغنيمة عندما توالت الضربات على قوافلها التجارية علي يد المسلمين بعد هجرتهم إلى المدينة ، وبالتالي تغيرت كل المعادلات لمصلحة الحق . فكيف لو تضررت قوافل المال الجنوبي المتجهة نحو خزانة الغنيمة في الشمال وهاجرت القيادات الجنوبية من الشمال إلى الجنوب أو حتى إلى الخارج وحددت موقفاً من عبادة الأوثان.


أما فيما يخص راهن اليمن في الشمال الواقع تحت احتلال طائفي مناطقي مقيت منذ أكثر من ثلاثة عقود فقد بات لزاماً عليه أن يواكب حركة التغيير التي تشهدها اليمن اليوم ويقوم بفعل ايجابي للانتصار لمظلوميته –بدلاً من الحديث الفارط المارط عن إكرامية رمضان – ولتكن الاستفادة من خصوصيات الظرف الراهن بالتكامل والتناغم مع حركة الحوثيين ليس لجهة استعمالها للسلاح فلكل منطقة خصوصياتها ولكل حركة ظروفها الذاتية والموضوعية وإنما لجهة التعبير الاحتجاجي المستفيد من دروس الحراك الجنوبي بما يعزز تظافر سقوط السلطة وذلك برفض الوصاية السياسية الأمر الذي من شأنه أن يكشف لكل من المؤتمر الحاكم ولمن وقع معه اتفاق المؤامرة الأخيرة من أحزاب ما يسمى اللقاء المشترك بأنهم يعبرون عن مصالحهم فقط وفق نظام (الغنيمة) المتبع ، ومعلوم أن أكثر من يحترف التعاطي مع نظام الغنيمة قائد المشترك (التجمع اليمني للإصلاح) بجميع أجنحته القبلية والسياسية والدينية ، ومالم يتحقق هذا الفعل الوطني ويقطع طريق المؤامرة "المؤتمشتركية" ويفضحهم بفعل شعبي متمرد تماماً على إيقاعهم ، كما تمرد الحراك الجنوبي على إيقاع (الحزب الاشتراكي اليمني ) كصيغة معبرة عن الجنوب فإن حال بقية المحافظات الشمالية المستكينة للظلم سيكون كمن صام وفطر ببصلة لأن التغيير والتحول قادم لا محالة والتقاسم وربما التقسيم سيكون حاضراً ولكن الغلبة لمن عزز مبكراً موقعه التفاوضي بفرض وقائع على الأرض لا بالاستناد على حيطان حاشد وبكيل ولجنة الحوار الوطني ومجلس التضامن الوطني - وما أسهل إضافة كلمة (الوطني) – فالوطنية عندهم أرخص من علبة شمة ، أو المجالس الأخرى الأكثر وهماً كمجلس تحالف قبائل مأرب والجوف وغيره من أسماء الزور وأرقام البهتان .


صفوة القول :


معادلة رقم 1 : إن استمرار عبادة أزلام صنعاء ( وهم شماليون وجنوبيون مع الفارق المعروف طبعاً بين الفريقين ) للصنم الحاكم مرهون باستمراره في دفع (الغنيمة) وهي إلههم المقدس .
معادلة رقم 2 : إن استمرار تدفق المال الجنوبي إلى خزانة الغنيمة يعني استمرار المعادلة رقم 1 .
معادلة رقم 3 : إن إحداث ضرر في سيرورة تدفق المال الجنوبي سيحدث خطوة إيجابية في طريق فك الارتباط بين الصنم في صنعاء والذين يحومون حوله بغية الغنيمة .
معادلة 4 : إن إحداث ضرر في سيرورة تدفق المال الجنوبي إلى خزانة الغنيمة مترافقاً مع هجرة الجنوبيين بقيادييهم من الشمال إلى الجنوب أو إلى الخارج سيحقق الخطوة التالية الأقوى .
معادلة 5: إن خروج الأسرى الجنوبيين من سجون صنعاء أو بعضهم ومن فروعها هنا وهناك بقوة إرادة مضاعفة كما هو الحال مؤخراً وبإيمان بأهمية وحدة الجنوبيين وواحدية قضيتهم يعزز روح الاستبسال الجماعي في الحراك الجنوبي ويقوض الرهان على القمع والعنف واستخدام القوة فوق تقويضه عملياً على مستوى الشارع من خلال مواجهة الأعيرة النارية بصدور عارية .

معادلة 6 : إن خروج الشارع الشمالي وانتفاضه على الظلم ورفضه لوصاية المشترك وغيره من القوى الحزبية والاجتماعية سيسهم إسهاماً فاعلاً في تحديد رقم تفاوضي حقيقي جديد مضاف للحراك الجنوبي والحوثيين وسيفعل فعله في مواجهة خيارات المستقبل بصورة أكثر ضماناً مما هو عليه اليوم .


معادلة أخيرة : إن الاستمرار في ذلك مترافقاً مع خطاب سياسي جنوبي إيجابي فاعل وفعال يعمل على محاكاة الخارج بطريقة واقعية بعيداً عن المثالية وبما يضمن المصالح الإقليمية والدولية ويعترف بوجود ترسبات ظلامية من نظام صنعاء ذرأها عن عمد وسابق إصرار في الأراضي الجنوبية خلال عقد ونصف بما في ذلك بعض المحسوبين على تنظيم القاعدة الإرهابي ، سيغير كل المعادلات الاستاتيكية التي لم تتحرك طيلة الفترة الماضية على نحو مريح ومؤثر وناجع في مسار هذه القضية الشائكة بالرغم من وضوحها .
والحق يقال أن وصول الجنوبيين إلى نتيجة حاسمة لمصلحتهم مع هذا النظام الفاسد المحتل هو لمصلحة السواد الأعظم من الشماليين الذين لا يعبدون حاكم صنعاء و لا يعتبرونه صنماً ولم يستفيدوا من الغنيمة التي نهبها شمالاً وينهبها جنوباً ، والتي شيد على أساسها وهماً اسمه القائد الضرورة ما مكنه من حبك معادلة أصنام الشمال وأموال الجنوب ، واختزل تاريخ اليمن المعاصر بعبارة سامجة لا تنسجم وعراقته وتدعو إلى الغثيان : (الرقص على رؤوس الثعابين) .





[email protected]
شيخ الطيور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس